اعماق الظلام

 أعماق الظلام🌚

حسام خرج من مصحة العباسية وهو يشعر وكأن العالم قد انقلب رأسًا على عقب. كل ما كان يظنه حقيقة تحول إلى كابوس. عاد إلى العمارة القديمة، تلك التي كانت تشكل له ملاذًا آمنًا في طفولته، ليجدها الآن سجنًا مظلمًا يلفه الغموض والرعب.

قرر حسام أن يكشف لغز العمارة، وأن يعرف الحقيقة وراء تلك الأحداث الغريبة. بدأ بزيارة الدكتور فؤاد، الطبيب النفسي الذي كان يسكن الدور الأول. وجده رجلًا عجوزًا هزيلًا، عيناه تحملان حكاية طويلة من الألم والمعاناة.

"دكتور فؤاد، أنا محتاج أفهم اللي حصل. ليه شفت أمي وأبويا وأختي؟ هما مش ماتوا؟"

ابتسم الدكتور فؤاد بمرارة، "حسام، أنت تعيش في عالم من الخيال. كل ما رأيته كان مجرد هلاوس ناتجة عن صدمتك العصبية. فقدان عائلتك كان صدمة كبيرة لك، وعقلك حاول أن يخلق لك عالمًا موازيًا لتتكيف مع الواقع المرير. لم يقتنع حسام بكلام الدكتور، فقرر أن يبحث بنفسه. عاد إلى العمارة مرة أخرى، وحمل معه مصباحًا قويًا وكاميرا فيديو. بدأ باستكشاف كل ركن من أركان العمارة، متتبعًا أي أثر قد يدله على الحقيقة.

في إحدى الليالي، بينما كان يتجول في الطابق الأرضي، سمع صوتًا غريبًا يأتي من العيادة القديمة. اقترب بحذر، وفتح الباب ببطء. كانت العيادة مظلمة تمامًا، إلا من وميض خافت يأتي من خلف مكتب الدكتور. وجه حسام المصباح نحو مصدر الضوء، فوجد كتابًا قديمًا مفتوحًا على صفحة مكتوب عليها رموز غريبة.

بدأ حسام في فك شفرة تلك الرموز، وسرعان ما اكتشف أنها تتحدث عن طقوس سحرية قديمة، وعن كيفية استدعاء الأرواح. شعر برعشة تجري في جسده، وتذكر الأساطير التي كان يسمعها عن العمارة، والتي تحدثت عن أنها مسكونة بالأرواح الشريرة.

في الليلة التالية، قرر حسام مواجهة مخاوفه. عاد إلى العيادة، وأخذ الكتاب القديم معه. بدأ في قراءة الطقوس بصوت عالٍ، وشعر بقوة غريبة تملأ المكان. فجأة، ظهرت أمامه أشباح لأمي وأبيه وأخته، ولكنهم كانوا مختلفين تمامًا عن صورتهم في ذاكرته. كانت وجوههم مشوهة، وأعينهم مليئة بالغضب والحقد.

صرخت الأشباح في وجه حسام، وقالت له: "لقد خدعناك! نحن لسنا عائلتك الحقيقية! نحن مجرد أوهام خلقناها لك!"

شعر حسام بالدوار، وبدأ يفقد وعيه. قبل أن يغلق عينيه، سمع صوتًا هامسًا يقول له: "الحقيقة مؤلمة، ولكنها أفضل من الخداع."

استيقظ حسام في المستشفى مرة أخرى، ووجد الدكتور فؤاد يجلس بجانبه. "أخبرتك أن كل ما رأيته كان مجرد هلاوس"، قال الدكتور.

"ولكن كيف؟" سأل حسام بصوت ضعيف.
"أنت وقعت في فخ عقلك، فخ الخيال. لقد تخيلت كل هذا لتبرر معاناتك."
خرج حسام من المستشفى، وهو يشعر بالارتباك والحيرة. هل كان كل ما مر به حقيقة أم مجرد خيال؟ قرر أن يترك الماضي وراءه، وأن يبدأ حياة جديدة. انتقل إلى مدينة أخرى، وبدأ يعمل في وظيفة جديدة.

بعد سنوات من المعاناة، يقرر حسام العودة إلى العمارة القديمة لمواجهة ماضيه. يدخل العمارة وهو يحمل معه كتابًا قديمًا وجد فيه إجابات لأسئلته. يبدأ في قراءة الكتاب بصوت عالٍ، وعندما يصل إلى الصفحة الأخيرة، يختفي كل شيء حوله. يجد نفسه في مكان مضيء وهادئ، حيث يلتقي بأرواح عائلته. يعتذرون له عن كل ما سبب لهم من ألم، ويخبرونه أن كل ما حدث كان اختبارًا له. يعود حسام إلى العالم الحقيقي، ولكنه يعود شخصًا مختلفًا. لقد تغلب على خوفه، ووجد السلام الداخلي.أثناء قيامه بفك شفرة الرموز، وجد حسام إشارة إلى حجر أسود مخفي في أحد جدران العمارة. بعد بحث طويل، تمكن من العثور على الحجر، الذي كان بارداً ورطبًا للمس. وعندما وضعه على الكتاب القديم، ظهرت كلمات مكتوبة بالدم، تحذر من عواقب استدعاء الأرواح.

تغلب الفضول على حسام، واستمر في الطقوس. وفي تلك اللحظة، شعر بهزة أرضية خفيفة، وظهرت شقوق في الجدران. انطلقت من الشقوق رياح باردة، حملت معها أصوات عويل وأنين. ظهرت الأشباح مرة أخرى، ولكن هذه المرة كانت أكثر شراسة وقوة.
حاول حسام الهرب، ولكنه كان محاصرًا. بدأ يشك في كل شيء، في نفسه، في عائلته، وفي العالم من حوله. هل كان هذا كله حقيقة أم مجرد خيال؟ هل هو مجنون؟
في لحظة من اليأس، قرر حسام أن يواجه خوفه. نظر في عيون الأشباح، وقال بصوت ثابت: "لن أستسلم لكم. سأكشف حقيقتكم، وسأضع حدًا لمعاناتي."
أمسك حسام بالحجر الأسود، وبدأ يردد تعويذة عكسية. زادت قوة الأشباح، ولكن حسام لم يستسلم. وفي النهاية، تمكن من طرد الأرواح من العمارة، ولكن بتكلفة باهظة. فقد فقد وعيه، واستيقظ في المستشفى
الاعلان على الموقع اضغط هنا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حامل من جوز بنتي ،،النهاية،