### **الجزء الثاني: الجن العاشق**  

**رواية سمر** بقلم✍️ #مصطفى_محمد 

---

بعد جلسة الشيخ عبد الرحمن، شعرت لبعض الوقت وكأن الأمور هدأت قليلًا. لم أعد أستيقظ مفزوعة كما كنت من قبل، ولم أعد أرى تلك الكدمات والخدوش التي كانت تظهر على جسدي. لكن، للأسف، لم تدم هذه الراحة طويلًا.  
في إحدى الليالي، استيقظت فجأة على صوت غريب. كان يشبه صوت خطوات بطيئة تُسمع بوضوح على أرضية غرفة النوم. فتحت عيني وأنا أشعر برعب ينهش صدري. كانت الغرفة مظلمة تمامًا، إلا من بصيص ضوء خافت يأتي من النافذة.  
"محمود؟" همست بصوت خافت، لكنني كنت أعلم أن محمود نائم بجانبي.  
استجمعت شجاعتي وألقيت نظرة سريعة حول الغرفة، ولكن لم يكن هناك شيء ظاهر. ومع ذلك، شعرت بوجود شيء قريب جدًا مني. كان الهواء نفسه يبدو مختلفًا، ثقيلًا كأن الغرفة امتلأت بشيء غير مرئي.  
ثم سمعت الصوت مجددًا، لكنه هذه المرة كان قريبًا جدًا من أذني، كأنه يهمس داخلي:  
"لم أذهب بعيدًا... أنا هنا دائمًا."  
ارتجف جسدي بالكامل، وشعرت بأنني على وشك فقدان الوعي. حاولت أن أوقظ محمود، لكنني كنت عاجزة عن الحركة أو النطق.  
في صباح اليوم التالي، حاولت أن أقنع نفسي بأن ما حدث كان مجرد كابوس آخر. لكنني بدأت ألاحظ أمورًا غريبة جديدة في المنزل.  
بينما كنت أرتب الغرفة، وجدت ورقة صغيرة مطوية تحت الوسادة. فتحتها ببطء، ووجدت فيها كلمات مكتوبة بخط غريب وغير مفهوم. الكلمات كانت بلغة لم أرها من قبل، لكنها بدت وكأنها رسالة شخصية لي.  
شعرت بالذهول، وأخذت الورقة لمحمود. لكنه عندما نظر إليها، قال:  
"سمر، ما فيش حاجة مكتوبة هنا! الورقة فاضية."  
نظرت مجددًا إلى الورقة، لكنني رأيتها كما وصفها محمود، فارغة تمامًا. بدأت أشك في نفسي، هل بدأت أفقد عقلي؟  
في الليالي التي تلت ذلك، بدأت أعيش أسوأ كوابيسي. كنت أشعر بوجوده معي في كل مكان، حتى عندما أكون في أمان بين أحضان محمود.  
ذات ليلة، وبينما كنت نائمة، شعرت بيد ثقيلة تمسك بذراعي. استيقظت مفزوعة، ونظرت إلى محمود، لكنه كان في سبات عميق. ثم شعرت بلمسة أخرى، هذه المرة على وجهي، وكأن شخصًا ما يمرر أصابعه بلطف.  
"مَن هناك؟!" صرخت بأعلى صوتي، لكنني لم أتلقَ أي إجابة. فجأة، شعرت بأنفاس حارة تقترب من أذني، وصوت يقول:  
"لن أؤذيكِ... لكنكِ لي وحدي."  
قررت أن أخبر الشيخ عبد الرحمن مجددًا بكل ما يحدث. عندما جاء إلى المنزل، جلس في الغرفة وبدأ في قراءة القرآن. كنت جالسة أمامه، أشعر بالضيق والاختناق مع كل آية يتلوها.  
وفجأة، شعرت بأنني لست في المنزل. رأيت نفسي في مكان مظلم، تحيط بي نيران خافتة، ووسط النيران كان هناك شخص طويل، ملامحه غير واضحة، لكنه كان يحدق فيّ بعينين مشتعليتين.  
قال الشيخ بصوت مرتفع:  
"سمر، أفيقي! قاومي!"  
عدت إلى وعيي لأجد محمود ممسكًا بيدي، والشيخ يواصل القراءة. قال لي بعد الجلسة:  
"يا بنتي، ده جن عاشق. مش مجرد جن عادي. ده قوي جدًا ومتعلق بيكِ. لازم نلتزم بقراءة القرآن والتحصينات يوميًا."  
رغم التزامي بالتحصينات، لم يتوقف هذا الكائن عن ملاحقتي. بل إنه أصبح أكثر جرأة. كنت أشعر بوجوده في كل مكان، خاصة عندما أكون وحدي.  
في إحدى الليالي، وبينما كنت أستعد للنوم، شعرت بشيء غريب يحدث لجسدي. كان كأنني أُحتَضن بلطف، وسمعت صوتًا يقول:  
"لا تقاومي... أنا أحبك."  
لأول مرة، لم أشعر بالخوف. بل كان هناك جزء صغير بداخلي يستمتع بهذا الإحساس، وكأنني بدأت أتقبل وجوده.  
بدأ محمود يلاحظ تغيراتي. كنت أبدو شاردة أغلب الوقت، وأصبحت أستيقظ في أوقات غريبة من الليل.  
ذات صباح، سألني بغضب:  
"سمر، إيه اللي بيحصل؟ أنا مش فاهمك! علامات غريبة بتظهر على جسمك، وصوتك وأنتِ نايمة مش طبيعي."  
لم أستطع الرد. كيف يمكنني أن أشرح له أنني أصبحت عالقة بين عالمين؟ بينه وبين كائن لا أستطيع الهروب منه؟  
في إحدى الليالي، وبينما كنت وحدي في غرفة النوم، شعرت بشيء جديد. لم يكن مجرد لمسات أو أصوات. كان وجوده محسوسًا بشكل كامل، وكأنه حاضر بجسده.  
"أنا أحبك، سمر. لن أتركك أبدًا."  
حاولت أن أقاوم، لكنني شعرت بأنني مشلولة تمامًا. استسلمت لما يحدث، وكنت أشعر بالخوف والاضطراب، ولكن في نفس الوقت، بشيء آخر غريب... شعور بالراحة.  
---
**يتبع في الجزء الثالث:**  
(يتعمق الكائن الغريب في حياة سمر، ويحاول السيطرة على حياتها بالكامل، بينما يبدأ محمود في البحث عن طرق أكثر قوة للتخلص منه.)  
لا تنسي المتابعة:قصص جميله  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العشق الممنوع 2

العشق الممنوع

العشق الممنوع النهاية