الجن العاشق
**الجزء الرابع: أسرار الظلال**
بعد الجلسة الأخيرة مع الشيخ، شعرت بشيء مختلف، كأنني استعدت جزءًا من نفسي، ولكن ليس بالكامل. كان الجن العاشق لا يزال قريبًا، لكنه لم يعد بنفس القوة. مع ذلك، كنت أعلم أن هذه الهدنة مؤقتة، وأنه يُخطط لشيء أكبر.
محمود أصبح أكثر هدوءًا، لكنه كان يخفي بداخله قلقًا عميقًا. كنا نعلم أن الصراع لم ينتهِ بعد، وأن الأمر يحتاج إلى مواجهة أعمق.
في إحدى الليالي، وبينما كنت أجلس وحدي في غرفة المعيشة، انطفأت الأضواء فجأة. شعرت بقشعريرة تسري في جسدي، وبدأت أسمع صوتًا خافتًا يشبه صوت الرياح، لكنه كان أشبه بالهمسات.
"سمر... لماذا تقاومين؟ هذا ليس مكانك. أنتِ لي."
كنت أعرف الصوت جيدًا. حاولت أن أتجاهله، لكن فجأة، شعرت بيد باردة تلمس وجهي. نظرت حولي بسرعة، ولم أرَ أحدًا.
"أين أنت؟ ماذا تريد مني؟" صرخت وأنا أشعر بالغضب أكثر من الخوف.
فجأة، ظهر أمامي ظل غامض. لم يكن له ملامح واضحة، لكنه كان يشبه الإنسان. هذه المرة، لم يكن مجرد طيف أو هالة. كان قويًا، محسوسًا، وكأنه خرج من عالمه ليواجهني.
"سمر، هل تعتقدين أن محمود أو أي شيخ يمكنه أن يبعدني عنك؟ أنا جزء منك الآن، ولن أذهب إلى أي مكان."
حاولت أن أتمالك نفسي، لكنني شعرت بأنني أُسحب إلى دوامة مظلمة. فجأة، رأيت مشاهد من الماضي، مشاهد لم أفهمها:
**بيت قديم، امرأة تجلس على الأرض تبكي، رجل يقف في الظلام ينظر إليها بغضب.**
"مَن هؤلاء؟ ماذا يحدث؟" سألت بصوت مرتعش، لكن الجن لم يجبني.
بعد تلك الليلة، بدأت تتكشف أمور غريبة. محمود عثر على صندوق قديم في القبو أثناء تنظيف المنزل. كان الصندوق مغلقًا بإحكام، وعندما فتحه، وجد بداخله أشياء غريبة: خصل شعر، أوراق مكتوبة بلغة غير مفهومة، وتمثال صغير يبدو كأنه منحوت يدويًا.
أخذ محمود الصندوق إلى الشيخ، الذي بدأ في فحصه بعناية. بعد لحظات من الصمت، قال الشيخ:
"هذا الصندوق مرتبط بالجن العاشق. يبدو أن هذا الكائن لم يكن عاديًا. هناك عهد قديم مرتبط به."
"عهد؟! ماذا تعني؟" سأل محمود بقلق.
"يعني أن هذا الجن لديه سبب قوي ليبقى هنا. هذا ليس مجرد ارتباط عادي، إنه مرتبط بشيء من الماضي. ربما لعنة، أو وعد لم يتم الوفاء به."
شعرت بالصدمة، لكنني كنت أعلم أن هذه الإجابة لم تكن كافية. بدأت أبحث في كل زاوية في المنزل، أحاول أن أجد أي دليل على هذا الماضي الغامض.
ذات يوم، وبينما كنت أرتب خزانة الملابس القديمة، وجدت دفترًا صغيرًا مخبأ بين طيات الملابس. كان الدفتر قديمًا، والأوراق مصفرة. بدأت في قراءته، ووجدت فيه مذكرات كتبها شخص يدعى "ليلى".
**"كان يحبني بجنون. وعدني أنني سأكون له إلى الأبد. لكنه خانني، تركني وحدي في ظلام لا نهاية له. لكنني لن أتركه، ولن أترك أي امرأة تحاول أن تحل مكاني."**
شعرت أنني أكتشف جزءًا من القصة. يبدو أن هذا الجن كان مرتبطًا بشخص آخر في الماضي، وأن قصتي لم تكن سوى امتداد لهذا الماضي الملعون.
عندما أعطيت الدفتر للشيخ، قال بحذر:
"هذه هي البداية. لفهم كل شيء، علينا أن نجد المزيد من الأدلة. لكن احذري يا سمر، كل خطوة تقربكِ من الحقيقة قد تجعله أكثر غضبًا."
وبالفعل، أصبح الجن أكثر عدوانية. كان يظهر لي في أحلامي بشكل واضح، وكان يهمس لي بكلمات غامضة:
"سمر، إذا أردتِ الحقيقة، ستدفعين الثمن. الحب ليس لعبة."
---
**يتبع في الجزء الخامس:**
(تتعمق سمر في ماضي الجن العاشق، وتكتشف أسرارًا صادمة تقلب حياتها رأسًا على عقب. محمود يبدأ رحلة جديدة لكسر العهد القديم وإنقاذ زوجته.)
لا تنسي المتابعة (قصص جميله)
تعليقات