الجن العاشق

**الجزء الثالث: الجن العاشق**  

مرت الأيام، وتزايدت الأحداث الغريبة بشكل مستمر. أصبح الكائن الغريب، الذي عرفته أخيرًا بأنه "الجن العاشق"، يلاحقني بشكل أكثر شراسة. كنت أعيش في حالة بين اليقظة والنوم، بين الحياة والموت. شعرت وكأنني أصبحت جزءًا منه، جزءًا لا يمكن فصله عن وجوده.  

محمود بدأ يلاحظ تغيراتي بشكل أكبر. أصبح يعاملني بحذر، وكأنني أصبحت شخصًا آخر. بدأ في البحث عن حلول أكثر قوة للتخلص من هذا الكائن. قرأ الكثير من الكتب، وزار بعض الشيوخ، وحاول الاستعانة بكل طريقة قديمة وحديثة يمكن أن تساعد في طرد هذا الكائن.  

لكن كل محاولاته كانت تبوء بالفشل. الجن العاشق كان يزداد قوة، وكان يتمكن من تحكمه في حياتي بشكل غير مرئي. في بعض الأحيان كنت أرى محمود وهو يراقبني، ويبدو كأنه يراقب شخصًا آخر، ليس أنا. شعرت بالخوف من نفسي.  

ذات ليلة، بينما كان محمود غارقًا في قراءة كتاب قديم في غرفة المعيشة، دخلت إلى غرفتنا وأنا أشعر بشيء غريب يتسرب في جسدي. كنت أرى رؤوس الكلمات التي كنت أقرأها على الورقة، لكن الكلمات تتحول إلى أشكال غريبة لا أستطيع تفسيرها.  

وفي تلك اللحظة، شعرت بشيء آخر في الغرفة. كان هناك شخص أمامي، أو بالأحرى كان ظلًا طويلًا يشبه الإنسان، لكنه كان غير ملموس. اقترب مني، وهمس في أذني بصوت خافت:  

"لقد أصبحنا واحدًا، سمر. لا يمكن لأحد أن يفرق بيننا."  

فجأة، انتابني شعور غريب. لم أعد أشعر بالقلق أو الخوف، بل شعرت بشيء من السلام الداخلي. كنت أجد نفسي أذوب في هذا الشعور.  

محمود دخل الغرفة فجأة، ووجدني واقفة هناك، شاردة، وأنا أبتسم. كان وجهه مشوشًا، وكان يبدو كأنه يرى شيئًا ما لم أره.  

"سمر، في حاجة مش مظبوطة!" قال بصوت متوتر، لكنه لم يجرؤ على الاقتراب مني.  

لم أستطع الرد، فقد كنت مشلولة داخل هذا الشعور، هذا الكائن الذي أصبح جزءًا مني. كنت أراه يبتسم، وهو يراقبنا من بعيد، كأنه ينتظر اللحظة التي سأنضم فيها إليه بشكل كامل.  

محمود شعر أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوة أخيرة. استدعى شيخًا آخر، وكان هذا الشيخ مختلفًا عن الشيخ عبد الرحمن. هذا الشيخ كان يملك طاقة خاصة، وكان يعلم أن التعامل مع الجن العاشق يتطلب أكثر من مجرد قراءة قرآن أو تحصينات تقليدية.  

جلس الشيخ في وسط الغرفة، وبدأ في التلاوة بشكل مكثف، وكان محمود يقف بجانبه، يراقب بصمت. فجأة، شعرت ببرودة شديدة تغمر الغرفة، وكأن المكان كله تحوَّل إلى سرداب مظلم. كان الجن العاشق قد بدأ في الكشف عن هويته الحقيقية.  

صوت الشيخ كان يزداد قوة، ومعه بدأت أرى صورًا مشوشة عن الماضي والحاضر. رأيت نفسي في أماكن غريبة، في أماكن مظلمة ومعزولة، وأحيانًا رأيت نفسي وأنا أبتسم له، لهذا الكائن الذي أصبح جزءًا من حياتي.  

ثم، في لحظة مفاجئة، شعرت بشيء ينهار داخل جسدي. كأنني كنت في دوامة من المشاعر، ولكنني نجحت في أن أقاوم شيئًا بداخلي. كنت أدرك أنني على وشك فقدان نفسي بشكل كامل.  

"محمود!" صرخت فجأة، وبصوت قوي لأول مرة، وتلك اللحظة كانت بمثابة لحظة انقطاع الشعور بيني وبين الكائن. شعرت فجأة أنني عدت إلى نفسي، لكنني كنت أدرك أنه لم يكن الحل النهائي بعد.  

لكن الجن العاشق لم يكن مستعدًا للاستسلام. وعرف أن المعركة قد بدأت، وأن هذه المرة لن تكون مثل كل مرة مضت.  

**يتبع في الجزء الرابع:**  

(يستمر الصراع بين سمر والجن العاشق، بينما تظهر أسرار جديدة حول ماضيه. محمود يتخذ قرارًا كبيرًا.) 

لا تنسي المتابعة (قصص جميله)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العشق الممنوع 2

العشق الممنوع

العشق الممنوع النهاية