ظل لا يختفي2

مروان وقف مكانه متجمّد من الخوف، قلبه بيدق بسرعة كأنه هيقفز من صدره. صوت التوأم كان مليان غضب ومرارة، وكلماته كأنها طعنات في صدر مروان. حاول يفتح بُقه يتكلم، بس صوته ما طلعش. التوأم استمر: 

"كل اللي عشته كان حقي. انت أخدت كل حاجة، حتى حب أمي وأبوي. أنا موجود هنا عشان أذكّرك إن النهاية قريبة."

مروان أخد خطوة لورا، وحاول يجمع شجاعته:  
"أنا ما كنتش أعرف... ما كانش ليّا دخل في اللي حصل! لو كنت أقدر أغيّر حاجة، كنت عملت كده!" 

لكن الظل (أو روح التوأم) ضحك بصوت بارد:  
"الوقت فات، مروان. كل يوم أعيش في عتمة وأنا أشوفك بتاخد كل اللي كان حقي. دلوقتي، الدور عليّ."  

الضوء في الغرفة بدأ يضعف تدريجيًا، كأن الظل كان بيسحب كل النور حواليه. مروان كان عارف إنه لازم يعمل حاجة قبل ما يفقد السيطرة تمامًا. فكر بسرعة، وافتكر كلام الشيخ: "لازم تعرف السبب."

قرر إنه لازم يعرف أكتر عن وفاة توأمه. جري على أمه، اللي كانت قاعدة في غرفتها، منهارة من البكاء. مسك إيدها وسألها:  
"أمي، لازم تقولي الحقيقة كاملة. إزاي مات أخويا؟"  

أمه رفعت رأسها، وعينيها مليانة دموع.  
"كان حادث، يا مروان... كنا في البيت، وانتو كنتوا لسه أطفال. كنت مشغولة في المطبخ، وسمعت صوت صراخ. لما جيت أشوف، لقيته واقع من السلم... ما قدرتش أنقذه."  

بس مروان حسّ إن في حاجة ناقصة في القصة. كان فيه تردد في صوتها، كأنها بتحاول تخبي حاجة. ضغط عليها أكتر:  
"أمي، ده مش كل حاجة. أنا حاسس إن في حاجة أكبر. لو ما عرفتش الحقيقة، مش هقدر أنهي ده."  

أمه نزلت دموعها أكتر، وأخيرًا اعترفت:  
"كان فيه لعبة بتحبوها انت وهو... ساعتها كنت سامعة صوتكم بتتخانقوا. كنتوا بتشدوا اللعبة من بعض، ولما فقدتوا توازنكم، هو وقع..."  

مروان حسّ بصدمة هائلة. "أنا السبب؟!" الكلمة طعنت قلبه.  

رجع الظل يظهر في الزاوية، وعينيه زي جمرتين مشتعلتين:  
"أيوة، انت السبب. وانت عارف دلوقتي. مستعد تدفع التمن؟"  

لكن مروان، بدل ما ينهار، قرر يواجهه. وقف قدامه وقال بحزم:  
"أنا كنت طفل صغير، ما كنتش عارف. بس لو كنت خدت حياتك بدون قصد، أنا آسف. عمري كله كان في ظلمة بسببك. لو انت شايف إنك محتاج تأذيني عشان تنتهي، اعمل ده. بس أنا تعبت، وتعبت أهلي. ما ينفعش نفضل محبوسين في دوامة الانتقام."  

الظل سكت للحظة، وصوته بقى أهدى:  
"آسف؟ تفتكر آسف كفاية؟"  

مروان قرب خطوة وقال:  
"يمكن ما يكونش كفاية، لكن ده الحقيقة. ولو كنت مكاني، كنت هتعمل نفس الشيء."  

الظل بدأ يبهت ببطء، كأنه بيفكر في الكلام. وبعد لحظات طويلة، قال بصوت كئيب:  
"يمكن كنت أقدر أسامح... لكن مش النهارده. لسه الطريق طويل يا مروان."  

ثم اختفى تدريجيًا، لكن مروان حس بشيء مختلف. كأن الظلمة اللي كانت مخيمة على حياته خفت شوية. عارف إن المواجهة ما انتهتش، لكن الخطوة الأولى في إنهاء الصراع كانت اتحققت.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اعماق الظلام

حامل من جوز بنتي ،،النهاية،